إن التمويل الإسلامي، الذي ولد في ستينيات القرن العشرين، أصبح جذابا على نحو متزايد بفضل مبادئه الأخلاقية العالمية. وفي الولايات المتحدة، نجحت في ترسيخ نفسها تدريجياً، مستفيدة من البيئة المواتية والدعم السياسي. وهذا النموذج المالي البديل، المتوافق مع الشريعة الإسلامية، يجذب المجتمعات الإسلامية وغير المسلمة على حد سواء، ولا سيما بفضل الصكوك (السندات الإسلامية)، التي تجعل من الممكن تمويل المشاريع في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية.
يعود تاريخ التمويل الإسلامي الأمريكي إلى الثمانينيات، عندما بدأت مؤسستان في الساحل الغربي بتقديم صناديق استثمارية تستهدف المجتمعات الإسلامية. شهد هذا القطاع نموًا كبيرًا في التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، إلى جانب الزيادة في عدد السكان المسلمين في الولايات المتحدة. وقد زاد الاهتمام بهذا النموذج بشكل كبير بعد الأزمة المالية في عام 2008، استجابة للطلب على أطر مالية أكثر أخلاقية وشفافية.
واليوم، تقدم حوالي 43 مؤسسة أمريكية منتجات متوافقة مع الشريعة الإسلامية، بما في ذلك بيت التمويل الأمريكي LARIBA والجامعة الإسلامية المالية (UIF). كما انطلق لاعبون كبار مثل جي بي مورغان وستاندرد تشارترد في مجال الخدمات المصرفية الإسلامية. وعلى المستوى الدولي، تعمل المنظمات التي يوجد مقرها في الولايات المتحدة، مثل مؤسسة التمويل الدولية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والبنك الدولي، على تسهيل تمويل المشاريع عبر الآليات الإسلامية في المناطق المعرضة للخطر.
وعلى الرغم من إمكاناته، يواجه التمويل الإسلامي عقبات في الولايات المتحدة، لا سيما بسبب عدم وجود إطار تنظيمي محدد. وتجد المنتجات الإسلامية، القائمة على تقاسم المخاطر والتمويل المدعوم بالأصول، صعوبة في التوافق مع الأنظمة المصممة للأنظمة المالية التقليدية. بالإضافة إلى ذلك، يجب على المؤسسات أن تلتزم بدقة بمبادئ الشريعة، وهو تحدٍ يتطلب خبرة ومشورة متخصصة.
ومع ذلك، فإن الطلب المتزايد على الحلول المالية الأخلاقية، الذي تغذيه الزيادة في عدد السكان المسلمين – الذي يقدر بنحو 6.2 مليون بحلول عام 2030 – يفتح آفاقا واعدة. إن المؤشرات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، مثل مؤشر S&P Dow Jones للسوق المالية الإسلامية في الولايات المتحدة ومؤشر MSCI USA الإسلامي، تجعل من الممكن بالفعل الاستثمار في الأسهم الأمريكية بطريقة منظمة وأخلاقية.
كما تساعد المبادرات التعليمية، مثل تلك التي يقوم بها مركز الهدى، على تعزيز التمويل الإسلامي. وتهدف هذه البرامج إلى تعزيز مهارات المهنيين وزيادة الوعي بين عامة الناس بمزايا هذا النموذج المالي. ومع الإصلاحات التنظيمية وتنويع المنتجات وزيادة الوعي، يمكن أن يصبح التمويل الإسلامي جزءًا رئيسيًا من المشهد المالي في الولايات المتحدة، حيث يوفر حلولًا مصممة خصيصًا لكل من المسلمين وغير المسلمين الذين يبحثون عن بديل أخلاقي للنظام المصرفي التقليدي.