إن سوق الحلال، الذي يمثل اليوم ما يقرب من 2.3 تريليون دولار ويؤثر على أكثر من 2 مليار مستهلك مسلم، يرى أن الصين أصبحت لاعباً مركزياً. وفي عام 2021، رسخت مكانتها باعتبارها المصدر الرئيسي للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، حيث بلغت صادراتها 40.4 مليار دولار. ويعتمد هذا النجاح بشكل خاص على المنتجات الصيدلانية ومستحضرات التجميل المعتمدة كحلال، وهو المجال الذي تمكنت فيه الصين من الاستفادة من خبرتها القوية في مجال التكنولوجيا الحيوية، وإقامة شراكات استراتيجية مع دول إسلامية مثل ماليزيا والمغرب.
وفي قطاع الأغذية، فإن اهتمام الصين بالدول العربية قوي بنفس القدر. منذ انضمام المنطقة إلى مبادرة الحزام والطريق، توضح العديد من مشاريع البنية التحتية الغذائية، مثل صفقة عام 2017 بين مجمع دبي للأغذية والشركة الصينية نينغشيا فوروارد فاند مانجمنت، طموحات الصين في هذا السوق في التوسع الكامل. وباستثمارات قدرها 1.5 مليار دولار، يخطط المشروع لبناء 30 مصنعًا للأغذية، مما يعزز الوجود الصيني في دول الخليج.
بالنسبة للدول العربية، تمثل هذه الشراكة أيضًا فرصة للتحديث: فبفضل التقدم الذي حققته الصين في التقنيات الرقمية والخدمات اللوجستية، تهدف الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية إلى تعزيز مكانتهما في الاقتصاد الحلال. ومع ذلك، فإن مسألة شهادة الحلال لا تزال حساسة. وإذا كانت دول مثل ماليزيا، ومنظمة جاكيم التابعة لها، ودول الخليج تتمتع بمصداقية كبيرة من حيث التصديق، فإن الصين تظل تواجه تحديات تتعلق بالشرعية. يمكن للمبادرات التعاونية مع منظمات مثل JAKIM والاتفاقيات المحتملة مع جهات التصديق الخليجية أن تحسن النظرة إلى شهادات الحلال الصينية.
ومع هذا الالتزام المتزايد، تبدو الصين في وضع جيد للعب دور رئيسي في الاقتصاد الحلال العالمي. ويبقى أن نرى ما إذا كانت ستنجح في مواءمة معاييرها مع معايير العالم العربي لترسيخ نفسها بشكل مستدام في هذا القطاع شديد التنظيم.