وفي كتابه المشهور. الحكم (كلمات الحكمة) يقول الشيخ أحمد بن عطاء الله السكندري:
وأكمل نعمه عليك أن يعطيك ما يكفيك، ويحرمك ما يوجب عليك الإثم. عندما يكون لديك أقل لتسعد به، سيكون لديك أقل مما تحزن عليه.
تتعلق هذه المرحلة من رحلتنا إلى الله بمسألة العناية وكيفية فهمها بشكل صحيح. النبوية الحديث يقول: “القليل الذي يكفي خير من الكثير والمشتت”، وقد أعاد الشيخ صياغته في هذه الكلمة الحكيمة.
يقول الشيخ:
«أكمل نعمته عليك أن يعطيك ما يكفيك، ويمنعك ما يظلمك».
وقد يعطي الله تعالى المؤمن ما يكفيه لا أكثر ولا أقل. وعندما يحدث هذا، فهي نعمة تامة من الله. إذا أعطى الله عناية وافرة لشخص ما، فهناك خطر أن يتجاوز هذا الشخص الحدود. يقول الله:
{كلا، بل الإنسان يتجاوز كل الحدود.
لأنه يعتبر نفسه مكتفيا ذاتيا.
إن إلى ربك المرجع كله.} (العلق 96: 6-8)
ويخبرنا الله أيضًا عن طبيعتنا البشرية في الآية التالية:
{ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض؛ ولكن ينزله بقدر ما يشاء.} (الشورى 42:27)
وهذا قانون عالمي يتعلق بالطبيعة البشرية؛ فإذا رزقنا الله رزقاً كثيراً سنظلم. وهكذا الله {وينزله بقدر ما يشاء.}.
ويعلم الله بعلمه اللامتناهي أنه إذا أعطى إنسانا مالا فإنه لا يظلم. فيعطيه الثروة. وفي نفس الوقت يعلم أنه إذا سلطه لظلم الناس. ولذلك لا يمنحه الله القوة، و والعكس صحيح.
وهذا ينطبق على أنواع مختلفة من العطاء والحرمان. وما أعطيته فهو من فضل الله عليك وهو يحفظك حتى من نفسك. فلا تنظر فقط إلى ما تُحرم منه، وتتمنى أن تحصل على شيء قد يوقعك في سوء، لأن “القليل الذي يكفي خير من الكثير والمغرية”، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم يقول الشيخ:
“عندما يكون لديك القليل لتسعد به، سيكون لديك أقل مما تحزن عليه”.
إن الشعور بالفرح ليس منكراً في الإسلام. يقول الله:
{قل بفضل الله ورحمته بذلك فليفرحوا.} (يونس 10:58)
فالمؤمن يفرح بنعم الله عليه. ومع ذلك، فإن الشعور بالتعاسة بسبب ما فاتك ليس هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله. يقول الله:
{(اعلم ذلك) لئلا تيأس على ما فاتك من خير، ولا تفرح بما جاءك من خير.} (الحديد 57: 23)
إذا كنت تشعر بالسعادة لتحقيق مكاسب دنيوية، فاعلم أن هذه الحياة ستنتهي. ويقول المثل العربي: لو كان ما مضى عليك مع من كان قبلك لم يصل إليك! يقول الله:
{كل ما يعيش على الأرض لا بد أن يزول.} (الرحمن 55:26)
لذلك، إذا كان لديك القليل لتسعد به، فسيكون هناك القليل مما تحزن عليه. ومن فضل الله أن يعطيك ما يكفيك حتى لا تحزن على فقد أشياء لا تحتاج إليها. فإذا كان لديك ما يكفي من الطعام والشراب والرزق، فهذه نعمة تامة من الله ويجب أن تحمد الله على ذلك. إن لله حكمة تامة في العطاء والحرمان، وأنه يريد لك الأفضل، وعليك أن ترضى بذلك.