دولي

حزب جيل جديد يدق ناقوس الخطر بشأن حالة الديمقراطية والاقتصاد والمجتمع في الجزائر

اجتمع المجلس الوطني لحزب جيل جديد (ورئيسه سفيان جيلالي) يوم 22 نوفمبر 2024 في دورة عادية تميزت بتحليل نقدي للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدبلوماسية في البلاد.

يقدم جيل جديد تقييماً قاتماً للعملية الديمقراطية التي بدأت عام 1989، والتي يعتبرها اليوم مكتملة.

ويدين الحزب تهميش الجماعات السياسية، واستغلال المؤسسات، وقمع القوى المضادة. إن اختزال الأحزاب إلى دعم إداري بسيط وتنظيم انتخابات فارغة من مضمونها الديمقراطي، هما، بحسب الحركة، دليل على العودة إلى الحكم الاستبدادي.

وفي مواجهة هذا الفشل، يدعو جيل جديد إلى بناء نموذج ديمقراطي جديد يقوم على قواعد شفافة، قادر على تعزيز اللحمة الوطنية وتقديم التجديد السياسي.

وعلى الصعيد الاقتصادي، يرحب حزب جيل جديد ببعض الأهداف، مثل إنعاش الإنتاج الوطني وتقليص الواردات، لكنه يستنكر الأساليب التي تؤدي إلى نتائج عكسية. إن العودة إلى الإدارة المركزية والسلطوية تؤدي، بحسب الحزب، إلى إبطاء أي محاولة لإقامة اقتصاد قابل للحياة، مما يغذي الفساد والنقص وعدم الكفاءة.

ويعتبر قانون المالية 2025، الذي يتسم بعجز مقلق، محفوفا بالمخاطر، خاصة في حالة انخفاض أسعار المحروقات. ويدعو الحزب إلى إصلاحات مستوحاة من النجاحات الدولية لتجنب تكرار أخطاء الماضي.

وعلى الجانب الاجتماعي، ينتقد جيل جديد سياسات الرعاية الاجتماعية التي، حسب رأيه، تشجع على الكسل وتضعف الاقتصاد. ويدعو الحزب إلى الحوار مع المديرين التنفيذيين الشباب ورجال الأعمال والفئات المهنية المتعارضة مع السلطة العامة، من أجل إيجاد حلول دائمة. كما يؤكد على الحاجة الملحة لمكافحة الفساد المستشري الذي يقوض ثقة المواطنين.

وعلى الساحة الدولية، رحب جيل جديد بمواقف الجزائر، خاصة في مجلس الأمن الدولي، ودعوتها للانضمام إلى مجموعة البريكس+ كشريك. وتدعو الحركة إلى اغتنام هذه الفرصة لتعزيز التعاون الدولي، مع الحفاظ على علاقات متوازنة مع الشركاء التقليديين، وأبرزهم أوروبا.

بيان صحفي جيل جديد

عقد المجلس الوطني اجتماعه نصف السنوي العادي يوم الجمعة 22.11.2024 بمقر جيل جديد. وكانت على جدول أعمال المناقشات عدة جوانب، وفيما يلي استنتاجاتها.

1) العملية الديمقراطية: ويبدو أن دورة التحول الديمقراطي، كما بدأت مع دستور عام 1989، في طريقها إلى الانتهاء. إن هوس السلطة بالتلاعب بالحياة السياسية، وتجاوزات بعض الأحزاب السياسية على مدى العقود الثلاثة الماضية، سواء ذات طبيعة أمنية خلال التسعينيات أو ذات طبيعة الزبائنية والانتهازية خلال العقدين التاليين، قد عرّضت أخيراً للخطر أي بناء جدي لحكومة جديدة. طبقة سياسية موثوقة ووطنية قادرة على حكم البلاد.

وقد شهدت السنوات الأخيرة تأكيد رغبة من هم في السلطة في وضع حد لما تبقى من النشاط السياسي الحر والمستقل؛ ركزت الأهداف المتبقية على استمرار ممارسة الدولة التقليدية والمتوافقة، لكنها غير قادرة على تقديم حلول للمشاكل الهيكلية الحقيقية للبلاد.

وعلى الرغم من وعود الحوار الوطني التي أعلنها رئيس الجمهورية، ورغم تأجيلها إلى أجل غير مسمى، فإن الأحزاب السياسية، في الواقع، مهمشة ومحكوم عليها بالاختزال إلى مجرد ملاحق إدارية، أو دعم جزء منها أو وضعها في حالة من التفكك. الخمول الضمني لطرف آخر. إن تهميش كافة الأحزاب السياسية في تشكيل حكومة تكنوقراط والإدارة المفرطة المركزية لكل مؤسسات البلاد، بما في ذلك تلك التي يفترض أن تعتمد على الاختيار الشعبي، يعكسان موقفا سلبيا، بل ومعاديا، تجاه كل شيء ضد السلطة.

الانتخابات ليست أكثر من تجسيد للديمقراطية. أدى الاحتيال المؤسسي والاختيار النشط للوكلاء السياسيين على أساس انصياعهم وتواضعهم إلى رفض الجزائريين المشاركة في الحياة المدنية، وهو أمر ضروري لتماسك الأمة وبناء دولة القانون.

وأخيراً، وبعد أن جردت وسائل الإعلام من سلاحها بسبب لعبة الدعم والضغوط المتعددة الأوجه، فإنها أصبحت اليوم في موقف حرج موضوعياً وأخلاقياً. ولم يعودوا قادرين على القيام بدورها. لقد فقدت مصداقيتها وليس لها أي تأثير على الرأي العام، وتتنازل عن مساحة المعلومات الخاصة بها للعدمية والارتزاق من قبل “المؤثرين” الموجودين في الخارج.

إن الانشقاق وحتى عدم الثقة الشعبية في العمل السياسي، والعودة إلى توحيد الخطاب المديح، وغياب أي هامش للخطاب المضاد، كلها أمور تثبت المرحلة الأخيرة من فشل الدورة الديمقراطية التي بدأتها أحداث أكتوبر 88.

لقد انهار النموذج الديمقراطي الذي تم تطبيقه في عام 1989. ولا بد من تصميم آخر بالضرورة، لأن غياب الفكر السياسي سيقود البلاد نحو العدمية الأخطر.

وتحقيقا لهذه الغاية، يقترح جيل جديد على جميع الوطنيين، سواء كانوا مؤيدين أم لا، بدء نقاش جدي للتوصل إلى رؤية للمستقبل يمكن الدفاع عنها بشكل جماعي مع المؤسسات الوطنية بهدف التجديد الديمقراطي. ومن الممكن أن تشكل القواعد السليمة والشفافة التي تتمثل أهدافها في المقام الأول في تحقيق التماسك الوطني والتحديث الفعّال للبلاد، نقطة انطلاق جديدة.

2) اقتصاديا: ولا يمكن إنكار أن الخيارات المعلنة جديرة بالتقدير من حيث المبدأ: خفض الواردات، والحفاظ على أسعار استهلاكية متوافقة مع القوة الشرائية، وإعادة إطلاق مشاريع كبرى في الإنتاج الوطني.

ومع ذلك، فإن الطريقة المستخدمة لا يمكن إلا أن تأتي بنتائج عكسية. إن العودة إلى المركزية الاقتصادية، ناهيك عن الأشكال القديمة من الاشتراكية القديمة ذات الإدارة الإدارية الاستبدادية، لا يمكن إلا أن تعيق إنشاء اقتصاد فعال وقابل للحياة. إن التطور الخفي ولكن الحقيقي والمتعدد المستويات للفساد الناتج عنه لا يمكن إلا أن ينبه الضمير الوطني.

إن الانسداد المفاجئ لمختلف الدوائر الإنتاجية التي تعتمد على المدخلات والمنتجات الاستهلاكية النهائية أصبح عائقًا خطيرًا بشكل متزايد. وبمجرد استنفاد المخزونات القديمة، فإن النقص المتنوع الذي تم الشعور به بالفعل سيؤدي إلى إحباط معنويات الفاعلين الاقتصاديين وكذلك المواطنين.

إن الرغبة في السيطرة إدارياً على أسعار المستهلك وإعادة تأسيس الاحتكارات العامة ستؤدي حتماً إلى انخفاض جودة المنتجات المعروضة في السوق وتضاعف الاختلاسات وإساءة استخدام الإدارة العامة على حساب المستهلك.

لقد قامت الجزائر والعديد من الدول أيضًا بتجربة الإدارة الإدارية للاقتصاد. وكما يعلم الجميع، فإن الأسباب نفسها تؤدي إلى نفس النتائج! ومهما كانت عبقرية الحكام الحاليين، فإنه لا يمكن تغيير طبيعة العمل الاقتصادي المرتبط بشكل أساسي بالطبيعة البشرية.

ينبغي على الجزائر أن تستوعب دروس التاريخ وأن تستمد الإلهام من البلدان التي كانت جماعية سابقا، والتي نجحت، من خلال إصلاحات حقيقية، في التطور بينما من جانبنا، لا نزال متورطين في إدارة نفس المشاكل التي نخلقها بأنفسنا.

علاوة على ذلك، فإن قانون المالية 2025، بعجزه الهائل وغير المفهوم، يعرض النظام المالي بأكمله لزعزعة استقرار تضخمية كبيرة ويخاطر بإحداث تشوهات خطيرة لها تداعيات خطيرة في حالة انخفاض أسعار المحروقات في السوق الدولية. العجز الهائل الذي تتوقعه يعرض اقتصاد البلاد للخطر.

3) على المستوى الاجتماعي: ويبدو أن الحكومة تشعر بالقلق إزاء مستوى القوة الشرائية للسكان. يتم تقديم مساعدات متعددة. ومع ذلك، فإن المنطق الأساسي لهذه التدابير يهدد بجعل الوضع أسوأ وليس أفضل. والواقع أن الاستيلاء الإداري على العمليات الاقتصادية سوف، بحكم الأمر الواقع، يؤدي إلى النقص والمضاربة والفساد و أخيرًا، وإضعاف الجهاز الإنتاجي بأكمله، وبالتالي إعادة إطلاق البطالة الجماعية.

دعونا نشير إلى أن تطور الأمة لا يقاس بأهمية الرفاهية وتشجيع الكسل وربما نفي جزء من السكان. صحيح أن السلام الاجتماعي بعد مهم يجب أخذه بعين الاعتبار، لكنه يجب أن يكون جزءا من المنطق التنموي للبلاد، وليس خلق سلام اجتماعي مصطنع ومؤقت بالضرورة.

على العكس من ذلك، يجب على الجزائر أن تنفتح على قادة المشاريع وتحميهم من المفترسين المرتبطين في كثير من الأحيان بالمنظمات المسؤولة عن إدارة الأعمال (وزارات معينة، التجارة، الضرائب، الجمارك، إلخ). إن انتشار القضايا الفاضحة التي طالت مسؤولين في الدولة يظهر بوضوح أن مكافحة الفساد غير فعالة، على أقل تقدير، في منطقها الحالي.

علاوة على ذلك، من الضروري اتباع سياسة الحوار مع الأجيال الجديدة من المديرين التنفيذيين والأطباء والمهندسين ورجال الأعمال بدلاً من استخدام أساليب المماطلة التي تضعف معنويات أفضل الأطفال في البلاد.

يمكن وضع حلول توافقية وذكية مع الفئات المهنية المختلفة اليوم التي تتعارض مع السلطة العامة مثل الأطباء وطلاب الدكتوراه وصغار التجار، وما إلى ذلك.

إن الجوهر الأساسي للسياسة هو الإدارة السلمية للتناقضات الطبيعية التي تتطور في مجتمع ديناميكي. ويتحقق التوازن من خلال الحوار ومراعاة تطلعات بعضنا البعض. ولا يمكن للاستبداد إلا أن يولد المزيد من الصراعات والمزيد من التوترات، على حساب الأمة.

4) الجزائر في العالم: في السنوات الأخيرة، حدثت تغييرات كبيرة. إن تحدي الأحادية القطبية لا رجعة فيه، رغم أنها تشكل حاليا مصدرا للصراعات الخطيرة في العالم.

وفي هذا السياق، أصبح الصراع في فلسطين المحتلة أحد مصادر التوترات العالمية. جيل جديد يرحب بمواقف الجزائر. إن دورها، وخاصة على مستوى مجلس الأمن الدولي، مشرف ويستحق التقدير.

إن الدعوة التي وجهتها قمة البريكس+ للجزائر للحصول على وضع الشريك يجب أن تكون موضع تقدير بقيمتها العادلة. ومن الضروري اغتنام هذه الفرصة لتزويد البلاد بإمكانية المساهمة في إنشاء إطار جديد للتعاون الدولي، وقبل كل شيء، تزويد نفسها بالأدوات المالية والتجارية الحديثة.

ومن الواضح أن هذا الموقف المؤيد لعالم متعدد الأقطاب لا ينبغي أن يعني أي عداء تجاه الشركاء التقليديين الآخرين. وعلى وجه الخصوص، فإن الرؤية الجديدة لعلاقاتنا مع الجوار الأوروبي الوثيق يجب أن تدمج الأبعاد الجغرافية والتاريخية والإنسانية والتكامل الاقتصادي مما يسمح بالتبادلات لصالح الطرفين.

الجزائر لديها كل ما تكسبه من علاقة متوازنة مع كل مراكز القوى في العالم.

ومن الضروري أن نتصور مستقبلنا في تكوين عالمي جديد ينبغي أن تكون أهدافه الأساسية هي السلام والتعاون والتنمية.